الاستشهادي المجاهد/ محمد رياض رمضان "أبا عيسى" الجنة غالية تحتاج للمزيد من التضحية محمدٌ صقرٌ مجاهدٌ محلقٌ في سماء فلسطين، حمل في قلبه همَ الوطن وما أسقط يوماً سلاحَه وظل موجَهاً لصدور الأعداء، فكان مثالاً صادقاً في الإخلاص وصدق النية مع الله، حيث باع نفسه شهيداً ليعيش إخوانه بعزة وكرامة، فنشهد لك الإخلاص والجهاد والغيرة علي دين الله، نعم تركت الدنيا بزخرفها وسطرت بدمك الطاهر أروع صفحات المجد والفداء وكنت من الرجال الذين آمنوا وعملوا الصالحات فرفعت راية الإسلام حتى استشهدت ملبياً نداء يا خيل الله اركبي... تتوه الكلمات في وصف محياك الباسم.. وتتواثب خفقات القلب عند النظر إلى وجهك المتوضئ الذي تعلوه ابتسامة المستهزئ بكل المنايا والمعرض عن مباهج الدنيا الدنية... والمهاجر إلى الله في رحلة إلى جنات عرضها السموات والأرض، أنت يا من سطرت بدمائك الزكية تاريخ العزة والمجد لهذه الأمة في زمن عز فيه الرجال، وندرت فيه البطولة والأبطال... إليك يا ملح الأرض وطهرها، أيها البطل، من ذا الذي يصل إلى مرتبة جهادك سوى الرجال... فالبطولة لا تأتي من تصنع الأقزام وعربدة الجبناء... إنما البطولة جرأة وإقدام وأفعال أسود عند النزال على أرض الميدان... الميلاد والنشأة: ولد شهيدنا المجاهد في الرابع عشر من ابريل (نيسان) لعام 1986م حيث تربى الفارس ونشأ وسط أسرة صابرة ومحتسبة عرفت واجبها نحو دينها ووطنها, فليس غريبا على هذه الأسرة التي تعود جذورها إلي بلدة اللد التي احتلت 1948م، أن تكون كذلك وهي امتداد طبيعي لعائلة عريقة ومجاهدة قدمت العديد من الشهداء والجرحى والأسرى والمجاهدين على طريق ذات الشوكة وطريق التحرير والاستقلال، تميز شهيدنا بالهدوء والاتزان منذ الصغر فهو يتحلي بأخلاق عالية مقتديًا برسولنا الكريم فأحبه كل من عرفه ومما يذكر له أنه كان بارا بوالديه. تعليمه ودراسته: تلقي شهيدنا تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدرسة الزيتون ثم انتقل إلي مرحلة الثانوية للدراسة في مدرسة زهير العلمي الثانوية وحصل على نتائج ممتازة ثم أكمل مشواره الجامعي ليلتحق بجامعة الأزهر بغزة. صفاته وحياته: لقد امتاز شهيدنا منذ نعومه أظفاره بحبه للجهاد والاستشهاد فكان محمد حريصاً على أداء الصلوات الخمسة في مسجد الهداية ومسجد البراء بن عازب وكان فارسنا مكثراً لقراءة القران وحفظه, كما عرف عنه علاقاته الحميمة مع أهله وجيرانه. في صفوف كتائب المجاهدين: انتسب الشهيد لكتائب المجاهدين في العام 2005 وكان يسعى إلى الشهادة ويحلم بها ليلاً ونهاراً. تدرب الشهيد على يد الشهيد القائد سامي أبو شريعة حيث كان يتلقى الشهيد تدريبه في ساعات الليل على الرغم من ظروف البيت التي لا تسمح بذلك، إلا انه كان قمة في الالتزام في التدريب وبعد التدريب، فتراه متميزاً في أثناء التدريب وبعد التدريب، وبعد انتهاء فترة التدريب كان الشهيد يحضر إلي مكان التدريب ويقوم بتدريب نفسه بنفسه في أوقات التدريب التي اعتاد عليها ليحافظ على لياقته وعلى العلم العسكري الذي تلقاه في فترة التدريب دون الطلب من قيادته. وكل من عرف محمد عرف صمته الحنون وصفاته ودماثة خلقة وكان دائما ما يردد (الغرباء في الدنيا المشتاقون إلي الجنان لرؤية محمد وصحبه) فكان زاهد في الدنيا وكأن الدنيا سجن بالنسبة له. وكان محمد كثير الإلحاح على تنفيذ عمل استشهادي حيث ما أن تقع عملية اغتيال حتى يصر على الثار ويطلب من القيادة ذلك، ومع إصراره أخذ محمد من القيادة وعداً بأن تكون له الأولوية في العملية القادمة فلم تسع محمدا الدنيا بأكملها. وبدأت مرحلة متقدمة من التدريب مع محمد أشرف عليها كلاً من الشهيدين سهيل بكر ومحمد أبو شريعة حيث تلقى الكثير من المهارات الميدانية واقتحام المواقع. ومع انتهاء المرحلة الثانية من التدريب حتى دخل المرحلة الأخيرة من التدريب للشهيد محمد رمضان انضم له فيها الشهيد مروان عمار من لجان المقاومة الشعبية واشرف على تدريب الشهيدين في هذه المرحة كلاً من الشهداء القادة، الشهيد القائد/ جمال أبو سمهدانة "أبو عطايا"، والشهيد القائد العام/ عمر أبو شريعة "أبو حفص". حيث تلقى في هذه المرحلة أخر التكتيكات العسكرية ومكان ومراحل تنفيذ العملية ونقطة الانطلاق وغيرها من الامور المتعلقة بتنفيذ العملية وخرج الاستشهاديان أكثر من مرة لتنفيذ العملية ضمن الظروف المناخية المطلوبة إلا أن قدر الله كان يحول دون التنفيذ وكان أمر ما ينتظر الشهيد محمد، فأكثر من مرة تأجلت العملية وفي كل مرة تؤجل فيها العملية يعود الشهيد محمد حزيناً فيهون عليه كلاً من الشهيد سهيل بكر والشهيد محمد أبو شريعة ويطمئناه بأن الوقت سيأتي مهما تم التأخير فيقولان (كل تأخيرة فيها خيرة، والخيرة فيما اختاره الله) وبعد أيام قليلة تم استهداف نادي الشمس الرياضي واستشهاد هاني القايض وياسين برغوت ونصر مرشود ، تلاه استهداف الشهيدين محمد أبو شريعة وسهيل بكر عبر قصف السيارة التي كانا يستقلانها، وحزن شهيدنا محمد كثيراً على فراق الشهداء واقسم بالانتقام لدمائهم، وفي اليوم التالي تُخبر القيادة الاستشهاديين محمدً وعمارً بأن الظروف المطلوبة لتنفيذ العملية مناسبة تماماً، فكان الجو عبارة عن رياح شديدة محملة بالغبار ومجال الرؤية قصير جداً إن لم يكن يتجاوز عشرة أمتار، وكأن الله قدر بأن الانتقام للشهداء وبالأخص محمداًً وسهيلاً اللذان اشرفا على تدريبه، وأثناء تجهيز نفسيهما للعملية وانتظارا لساعة العملية فكانت الدقائق تمر عليه ساعات ثقيلة فكان يردد (وداعاً أيتها الدنيا الفانية وداعا أيتها الجيفة يا من طلابك كلاب) ففي تمام الساعة الثامنة من مساء الأربعاء 8/2/2006 أعطيت الأوامر بالتجهيز الأخير للعملية التي أطلق عليها (غزوة حطين) تحت إشراف كُلٍ من القادة الشهداء أبي حفص وأبي عطايا في غرفة قيادة العملية. مجريات العملية والشهادة: وينطلق الاستشهاديان محمد ومروان الساعة الثانية والنصف من صباح يوم الخميس 9/2/2006 مخترقين كل حواجز السلطة الوطنية دون أن يشعر بهما أحد ليصلا إلي نقطة الانطلاق ليودعهم الأخ المكلف بإيصالهم حيث انطلق الشهيدان وتجاوزا النقاط الأمنية للعدو الصهيوني والتي تعد أكثر من ثلاث نقاط أمنية للمراقبة في محيط لا يتجاوز المائة متر من منظومة أمنية شديدة التعقيد ولكن حفظ الله ورعايته كانت مع مجاهدينا وبالتزامن مع الرياح المحملة بالأتربة، ليصل المجاهدين إلى قلب ما يسمي بإيرز إلى صالة VIP ورأى الشهيد مروان جندي صهيوني لا يبعد سوى أقل من 10أمتار وقام بتبليغ الإخوة في غرفة القيادة الذين كانوا على اتصال مباشر مع المجاهدين فاتت الأوامر بالانتظار، وما هي إلا ثلاث دقائق حتى ازداد العدد إلي أكثر من 6 في نفس موقع الجندي، وهنا أتت التعليمات بالبدء بالتنفيذ فقام المجاهدين بالتكبير وإطلاق القنابل اليدوية وإطلاق النار واشتبكوا مع الجنود، وما هي إلا لحظات حتى ارتقى الشهيد عمار وساد الصمت المكان إلا من صراخ الجنود، وما هي إلا لحظات قليلة حتى وصلت سيارات الإسعاف إلى المكان فانهال شهيدنا محمد عليهما بالقنابل والذخيرة واشتبك مع الجنود لأكثر من ساعة ونصف الساعة استخدم العدو القذائف والرشاشات الثقيلة... فجندي في سبيل الله يصمد أكثر من ساعة ونصف ظناً من العدو أن في المكان أكثر من مجاهد يشتبك معهم ومع مضي الوقت نفذت الذخيرة من محمد الأمر الذي كان يحدث أثناء التدريب أكثر من مرة... ولم يكتف الشهيد بذلك بل قام بالهجوم عليهم مستشرساً ببندقية فارغة لينال من احدهم، ومن خلال متابعة غرفة المعلومات المركزية اعترف العدو من خلال ما يسمى براديو الجيش وفي مقابلات مباشرة في مكان العملية تحدث الجنود عن 6 جنود ما بين قتيل وجريح. ليرتقى شهيدنا هو ورفيق دربه مروان عمار إلى العلياء.. مقبلين غير مدبرين... مسطرين بدمائهما الزكية خريطة الوطن المسلوب والمعذب.. فنم قرير العين يا شهيدنا حيث محمداً وصحبه والصديقين والشهداء... محمد.. يا من انطلقت روحك الوثابة الزكية إلى عنان السماء .. وأرسلت من عبقها ورداً يملأ قباب المساجد.. يا من انطلقت روحك الطاهرة.. وكانت ناراً ونوراً .. ناراً أحرقت الأعداء والمتساقطين الجبناء والمتخاذلين المتعاونين مع الشيطان.. ونوراً أنارت دروب الحيارى التائهين.. الذين ينشدون طرق العزة والكرامة.. انطلقت روح الاستشهادي المجاهد (محمد رمضان "أبا عيسى" ) وحطمت قيود الذل والعار.. سلمت يمينك يا محمد.. يا من دمرت عليهم حصونهم وقلاعهم.. وحطمت أمنهم وجبروتهم.. وخرجت لهم كالأسد الهصور.. ولقنتهم درسا في القتال والمقاومة.. وأريتهم من صنع الله ما يفعل أولياء الرحمن.. فما أعظمها من نهاية وما أزكاه من دم.. ذلك الذي انساب من جسدك الطاهر يا ابن الإسلام الأغر.. لتروى أرضاً ما زالت عطشى لدماء من هم أمثالك.. هكذا كان الاستشهادي المجاهد (محمد رمضان) بطل عملية حطين البطولية... اقتحام معبر بيت حانون.