برصيد الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم، وملاحم البطولة التي سُطرت على أرضها، تصدّرت بلدة "سعير"، الواقعة إلى الشرق من مدينة الخليل، بشهدائها الإثني عشر "انتفاضة القدس"، لتلقب بـ "عاصمة الشهداء".
قدّمت بلدة "سعير" منذ اندلاع "انتفاضة القدس" مطلع تشرين أول/ أكتوبر الماضي 12 شهيداً سطّروا بدمائهم ملحمة بطولية.
آمال أولئك الشهداء ظهرت من خلال وصايًّا خطوها قبل استشهادهم، وتمحورت حول النصر والإقدام، والتحدي، راسمين ملامح عام جديد، ومنهج فريد في الوقوف بوجه المحتل.
"علاء" و"مهند" و"أحمد" ثلاثة شبان في مقتبل العمر، ودّعتهم عائلة الكوازبة، عقب ارتقائهم شهداء برصاص الاحتلال، مساء الخميس 7 كانون ثاني/ يناير الجاري، قرب مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني، بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن، بعد أن ودعت "أحمد" قبلهم بأيام قليلة،.
لم تتوقف الحكاية هنا؛ ففي الـ 12 من كانون ثاني/ يناير الجاري، ترجّل الشهيد الخامس من عائلة الكوازبة "محمد"، ليلحق وأولاد عمومته بركب الشهداء الذين قدّمتهم بلدة "سعير" منذ انطلاق شرارة الانتفاضة؛ والذين كان أولهم إياد ورائد جرادات، تبعهما فادي الفروخ وعبد الله وخليل ومحمود شلالدة، انتهاء بمؤيد عوني الجبارين الذي قضى بتاريخ 14 كانون ثاني/ يناير.
"مفترق بيت عينون"، أو ما اصطلح على تسميته بـ "مفترق الموت"، قتل عليه أو بالقرب منه جيش الاحتلال ثمانية فلسطينيين خلال ثلاثة أشهر، بدعوى محاولات أو تنفيذ عمليات طعن، وهو المدخل الرئيسي لبلدة "سعير" و"الشيوخ"، قرب مدينة الخليل، يضطر المواطنون عبوره بشكل يومي، وسط مضايقات من قبل قوات الاحتلال المتمركزة بشكل دائم هناك، حيث لا يتورع جنود الاحتلال كثيرًا في إطلاق النار على أي هدف يثير شكوكهم.
وتتميز بلدة "سعير" بحضور فصائلي واسع، فيما يؤكد المراقبون من الجانب الفلسطيني، وحتى الصهيوني، أن كافة العمليات وتوجهات الشبان ذات طابع فردي ولا علاقة للفصائل بها.