أهم الأخبار

عيوب النفس

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

الْحَمد لله الَّذِي عرف أهل صفوته عُيُوب أنفسهم وَأكْرمهمْ بمطالعة عذرها وجعلهم أهل الْيَقَظَة والانتباه لموارد الْأَحْوَال عَلَيْهِم ووفقهم لمداواة عيوبها ومكامن شرورها بأدوية تخفى إِلَّا على أهل الانتباه فيسهل عَلَيْهِم من ذكر التَّفْسِير بفضله وَحسن توفيقه وَبعد
قَالَ الله تَعَالَى {إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَقَالَ تَعَالَى {وَنهى النَّفس عَن الْهوى} وَقَالَ {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} وَغير هَذَا من الْآيَات مَا يدل على شرور النَّفس وَقلة رغبتها فِي الْخَيْر
من عُيُوب النَّفس توهم النجَاة   : عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْبلَاء والهوى والشهوة معجونة بطينة آدم)
من عُيُوب النَّفس الطَّاعَة وَعدم الشُّعُور بلذتها  : و من عيوبها أَن يُطِيع وَلَا يجد لطاعته لَذَّة ذَلِك لشوب طَاعَته بالرياء وَقلة إخلاصه فِي ذَلِك أَو ترك سنة من السّنَن
النَّفس لَا تألف الْحق :  و من عيوبها أَنَّهَا لَا تألف الْحق أبدا وَالطَّاعَة خلاف سجيتها وطبعها ويتولد أَكثر ذَلِك من مُتَابعَة الْهوى وَاتِّبَاع الشَّهَوَات
لنَّفس تألف الخواطر الرَّديئَة
وَمن عيوبها أَنَّهَا تألف الخواطر الرَّديئَة فتستحكم عَلَيْهَا المخالفات
ومداواتها رد تِلْكَ الخواطر فِي الِابْتِدَاء لِئَلَّا تستحكم وَذَلِكَ بِالذكر الدَّائِم وملازمة الْخَوْف بِالْعلمِ أَن الله يعلم مَا فِي سرك كَمَا يعلم الْخلق مَا فِي علانيتك فتستحي مِنْهُ أَن تصلح لِلْخلقِ مَوضِع نظرهم وَلَا تصلح مَوضِع نظر الْحق وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله لاينظر إِلَى صوركُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالكُم وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ)
من عُيُوب النَّفس الِاشْتِغَال بعيوب النَّاس
وَمن عيوبها اشتغالها بعيوب النَّاس عَمَّا بهَا من عيبها
ومداواتها فِي الْأَسْفَار والانقطاع ومحبة الصَّالِحين والائتمار بأوامرهم وَأَقل مَا فِيهِ إِذا لم يعْمل فِي مداواة عُيُوب نَفسه أَن يسكت عَن عُيُوب النَّاس ويعذرهم فِيهَا وَيسْتر عَلَيْهِم خزاياهم رَجَاء أَن يصلح الله بذلك عيوبه فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من ستر على أَخِيه الْمُسلم ستر الله عَوْرَته وَمن تتبع عَورَة أَخِيه الْمُسلم تتبع الله عَوْرَته حَتَّى يَفْضَحهُ فِي جَوف بَيته) سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله بن شَاذان يَقُول سَمِعت زَاذَان المداينى يَقُول رَأَيْت أَقْوَامًا من النَّاس لَهُم عُيُوب فَسَكَتُوا عَن عُيُوب النَّاس فَستر الله عيوبهم وزالت عَنْهُم تِلْكَ الْعُيُوب وَرَأَيْت أَقْوَامًا لم تكن لَهُم عُيُوب اشتغلوا بعيوب النَّاس
الِاشْتِغَال بتزيين الظَّاهِر :  وَمن عيوبها الِاشْتِغَال بتزيين الظَّوَاهِر والتخشع من غير خشوع والتعبد من غير حُضُور قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من أصلح سَرِيرَته أصلح الله عَلَانِيَته)
من عُيُوب النَّفس الكسل
طلب الرِّئَاسَة بِالْعلمِ والتكبر
وَمن عيوبها طلب الرِّئَاسَة بِالْعلمِ والتكبر والافتخار بِهِ والمباهاة على أَبنَاء جنسه
ومداواتها رُؤْيَة منَّة الله عَلَيْهِ فِي أَن جعله وعَاء لأحكامه ورؤية تَقْصِير شكره من نعْمَة الله عَلَيْهِ بِالْعلمِ وَالْحكمَة والتزام التَّوَاضُع والانكسار والشفقة على الْخلق والنصيحة لَهُم فَإِنَّهُ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من طلب الْعلم ليباهى بِهِ الْعلمَاء أَو ليمارى بِهِ السُّفَهَاء أَو ليصرف بِهِ وُجُوه النَّاس إِلَيْهِ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده فِي النَّار) وَلذَلِك قَالَ بعض السّلف من ازْدَادَ علما فليزدد خشيَة فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء}
من عُيُوب النَّفس كَثْرَة الْكَلَام
وَمن عيوبها كَثْرَة الْكَلَام وَإِنَّمَا يتَوَلَّد ذَلِك من شَيْئَيْنِ أما طلبه رياسة يُرِيد يرى النَّاس علمه وفصاحته اَوْ قلَّة الْعلم بِمَا يجلب عَلَيْهِ الْكَلَام
ومداواتها تَحْقِيقه بِأَنَّهُ مَأْخُوذ بِمَا يتَكَلَّم بِهِ وانه مَكْتُوب عَلَيْهِ ومسئوول عَنهُ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَإِن عَلَيْكُم لحافظين كراما كاتبين} وَقَالَ تَعَالَى {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْبلَاء مُوكل بالْمَنْطق) وَقَالَ وَهل يكب النَّاس على مناخرهم إِلَّا حصائد ألسنتهم) وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (كَلَام ابْن آدم عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا مَا امْر بِمَعْرُوف أَو نهى عَن مُنكر)
الرِّضَا عِنْد الْمَدْح وَالْغَضَب عِنْد الذَّم
وَمن عيوبها أَنَّهَا رضيت مدحت الراضي عَنهُ فَوق الْحَد وَإِذا غضِبت ذمَّته وتجاوزت الْحَد
ومداواتها رياضة النَّفس على الصدْق وَالْحق حَتَّى لَا تتعدى فِي مدح من رضى عَنهُ وَلَا فِي ذمّ من سخط عَلَيْهِ فَإِن أَكثر ذَلِك من قلَّة المبالاة بالأوامر والنواهي وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (احثوا فِي وُجُوه المادحين التُّرَاب)
كَثْرَة التَّمَنِّي
وَمن عيوبها كَثْرَة التَّمَنِّي وَالتَّمَنِّي هُوَ الِاعْتِرَاض على الله تَعَالَى فِي قَضَائِهِ وَقدره
ومداواتها أَن يعلم أَنه لَا يدْرِي مَا يعقب التَّمَنِّي أيجره إِلَى خير ام شَرّ إِلَى مَا يرضيه أَو إِلَى مَا يسخطه فَإِذا أَيقَن اتهام عَاقِبَة تمنيه أسقط عَن نَفسه ذَلِك وَرجع إِلَى الرِّضَا وَالتَّسْلِيم فيستريح وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضر نزل بِهِ وَليقل اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي) وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا تمنى أحدكُم فَلْينْظر مَا يتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته) .
الْخَوْض فِي أَسبَاب الدُّنْيَا
وَمن عيوبها محبتها الْخَوْض فِي أَسبَاب الدُّنْيَا وحديثها
ومداواتها الِاشْتِغَال بالفكر الدَّائِم فِي كل أوقاته يشْغلهُ ذَلِك عَن ذكر الدُّنْيَا وَأَهْلهَا والخوض فِيمَا هم فِيهِ وَيعلم أَن ذَلِك مِمَّا لَا يعنيه فيتركه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَقُول من حسن إِسْلَام الْمَرْء تَركه مَالا يعنيه)
وَمن عيوبها إِظْهَار طاعاتها ومحبة أَن يعلم النَّاس مِنْهُ ذَلِك اَوْ يروه والتزين بذلك عِنْدهم
ومداواتها أَن يعلم أَنه لَيْسَ إِلَى الْخلق نَفعه وَلَا ضره ويجتهد فِي مُطَالبَة نَفسه بالإخلاص فِي أَعماله ليزيل عَنهُ هَذَا الْعَيْب فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء} وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حاكيا عَن ربه عز وَجل أَنه قَالَ (من عمل عملا أشرك فِيهِ غَيْرِي فَأَنا مِنْهُ برِئ وَهُوَ للَّذي أشرك)
من عُيُوب النَّفس الطمع
وَمن عيوبها الطمع
ومداواتها أَن طمعه يدْخلهُ فِي الرِّيَاء وينسيه حلاوة الْعِبَادَة ويصيره عبد العبيد بعد أَن جعله الله حرا من عبوديتهم وتعوذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الطمع
الْحِرْص على عمَارَة الدُّنْيَا
وَمن عيوبها حرصها على عمَارَة الدُّنْيَا والتكثر مِنْهَا
ومداواتها أَن يعلم أَن الدُّنْيَا لَيست بدار قَرَار وان الْآخِرَة دَار مقرّ والعاقل من يعْمل لدار قراره لَا لمراحل سَفَره فَإِن المراحل تَنْقَطِع بالْمقَام فِي السّفر فَيعْمل إِلَى مَا إِلَيْهِ مآبه قَالَ الله تَعَالَى {أَنما الْحَيَاة الدُّنْيَا لعب وَلَهو وزينة وتفاخر بَيْنكُم وتكاثر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} الْآيَة وَلِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَالْآخِرَة خير لمن اتَّقى} {وَالدَّار الْآخِرَة خير للَّذين يَتَّقُونَ} {وَالْآخِرَة عِنْد رَبك لِلْمُتقين} و {وَالْآخِرَة خير وَأبقى} {وللآخرة خير لَك من الأولى}