أهم الأخبار

القصور الأموية.. إرث ثمين دمره الاحتلال وسرق آثاره الإسلامية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

على طول السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، وتحديدًا خلف المصلى المرواني ومحراب الأقصى، تقع القصور الأموية التي حولها الاحتلال إلى "مسارات سياحية تلمودية"، ضمن مخطط شامل لتهويد المنطقة، والإعلان عنها كمرفق من مرافق "الهيكل" المزعوم.

وتمثل القصور الأموية بحجارتها القديمة وأبنيتها العريقة التي شيدها الأمويون، إرثًا إسلاميًا عربيًا ورمزًا من رموز الحضارة الإسلامية في فلسطين، مما يدحض مزاعم الاحتلال باكتشافه آثار وموجودات يهودية أثرية بالمنطقة خلال عمليات الحفريات التي أجراها على مدار السنوات الماضية.

قسم آخر من المنطقة يمتد من الناحية الغربية للأقصى حتى منطقة باب المغاربة، حيث هدم الاحتلال الجزء الأكبر منها، وحوله إلى "حديقة أثرية قومية" بعدما أجرى حفريات فيها على مدار 20 عامًا وعلى عمق 20 مترًا.

 

سرقة وتدمير

وحوّل الاحتلال القصور التي تعود ملكيتها للوقف الإسلامي، إلى متاحف ومزارات ومظاهر تلمودية، يزورها السياح، ويتم سرد الرواية التوراتية الصهيونية ، كما يوضح محمود أبو عطا ا المختص في شؤون القدس والأقصى

وإبان حكومة أيهود براك عام 1999، جرى بناء مدرج تاريخي، قبالة الباب الثلاثي، ادعى الاحتلال أنه المدرج الرئيس الجنوبي للدخول الى "الهيكل المزعوم"، كمقدمة لتحويل المصلى المرواني إلى كنيس يهودي، ولكن هذه المخططات أحبطت بسبب ترميم المصلى.

وفي عام 2001، افتتح الاحتلال مركز "ديفيدسون" في باقي الحجارة العملاقة بالمنطقة، ويستعد الآن لتوسيع هذا المركز، الذي يضم موجودات أثرية كشفت خلال عمليات الحفريات، حيث يزعم الاحتلال بأنها موجودات عبرية تلمودية.

وعلى مدار السنوات الأخيرة، نفذت سلطات الاحتلال أعمال حفريات في المنطقة، أدت إلى تدمير تراث إسلامي وعربي ثمين، وأقدمت على سرقة ونقل العديد من القطع الأثرية الإسلامية. يقول أبو عطا.

ويضيف أن الاحتلال وضع لافتات وشواخص إرشادية بمسميات تهويدية تزور تاريخ المنطقة، كما سمح بإقامة صلوات وحفلات دينية يهودية فيها، ضمن سلسلة إجراءات ترمي إلى تهويدها بشكل كامل.

وتستهدف سلطات الاحتلال القصور بشكل مباشر، وخاصة الجهة الجنوبية، بحيث يتم تنظيم احتفال عالمي للسياح، ويتم استجلاب يهود من الهند وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى إقامة حفلات للأطفال أو للأزواج اليهود تحديدًا عند المدرج التاريخي.

وفي الأيام الأخيرة، وضمن استهداف المنطقة تم وضع مجسمات تشكل أحجار وأعمدة عملاقة، ومجسمات فنية من الكرتون فوق بقايا آثار القصور، حيث يسابق الاحتلال الزمن من أجل تهويدها.

والهدف -بحسب أبو عطا- من انتهاكات الاحتلال بحق هذه القصور، العمل على تدميرها وطمس هذه المعالم الأموية الأثرية، كأحد أبرز الشواهد على عمق الحضارة الإسلامية في المسجد الأقصى ومحيطه، بالإضافة إلى تحويلها إلى مرفق من مرافق "الهيكل".

ويشير إلى أن هناك مخطط لربط المنطقة بما يسمى مدينة "داود" الاستيطانية، وبالتالي تحويلها كجزء من المدينة اليهودية التاريخية المزعومة فوق الأرض، وربطها بالمدينة اليهودية تحت الأرض أسفل الأقصى ومحيطه، وبالذات عند مدخل بلدة سلوان- حي وادي حلوة.

ولهذه الانتهاكات مخاطر كبيرة على القصور الأموية، بحيث تسعى سلطات الاحتلال إلى تهويدها بشكل كامل، كما أن الحفريات الواسعة التي نفذتها فيها، ولم تتوقف منذ عام 1967، أدت إلى حدوث تشققات في الجدار الجنوبي والغربي للأقصى.

كما حدثت تشققات في الزاوية الختنية خلف محراب الجامع القبلي، وفي أعمدة وأرضية المصلى المرواني، وهناك انهيارات ترابية في أسفل المنطقة المحاذية للجدار الجنوبي.

والأخطر من ذلك، يقول أبو عطا "تهويد المحيط القريب من الأقصى والتشويش على المصلين، من خلال مكبرات الصوت العالية الخاصة بالاحتفالات اليهودية، ناهيك عن الممارسات التي تتنافى مع قدسية المكان من الناحية الدينية، "كالأغاني الصاخبة والكلام البذي واللباس الفاضح".

وطالبت الحكومة الأردنية مؤخرًا "إسرائيل" بكف يدها عن منطقة القصور الأموية وإعادتها للمالك الأصلي، وهو الأوقاف الاسلامية لإدارتها والحفاظ عليها حسب الأصول.

 

حولها لحديقة يهودية

الباحث في الآثار والمقدسات عبد الرازق متاني يوضح أن القصور الأموية اكتشفت بعد احتلال القدس عام 1967، من خلال الحفريات التي بدأت سلطات الاحتلال بتنفيذها مباشرة في المنطقة، والتي استمرت لمدة عشر سنوات.

وأراد الاحتلال إخفاء معالم هذه القصور، ومحاولة تصوير البناء الأموي الموجود على أنه استعمال ثانوي لحجارة "الهيكل" المزعوم، فعمل على تحويل المنطقة إلى "حديقة يهودية"، تعكس تاريخ القدس وتصوره وفق الرواية العبرية.

ويلفت متاني إلى أن الاحتلال أعد مسارات داخل القصور، وصورها على أنها آثار يهودية تتبع "الهيكل"، كما قام ببناء مدرجات باعتبارها المدخل الرئيس "للهيكل".

ويحاول الاحتلال تقديم التاريخ وفق الرواية التوراتية المزعومة، وفرضها في أهم المواقع الإسلامية من خلال استحداث توراتي ووضع مجسمات تتلاءم معها، كما يسعى إلى ربط بلدة سلوان بمنطقة القصور وبمناطق أخرى بالقدس من خلال شبكات الأنفاق.

وكانت المحكمة المركزية بالقدس قررت في أكتوبر الماضي نقل صلاحيات "تشغيل" منطقة القصور الأموية الى جمعية "العاد" الاستيطانية، في خطوة خطيرة ستعمق وتزيد من المخاطر التي تهدد المسجد الأقصى.

وبهذا الصدد، يقول متاني إن جمعية "العاد" كشفت مرارًا وتكرارًا عن مدى الحقد الدفين التي تخفيه اتجاه هذه القصور، وذلك في محاولة لضمها إليها، وطمس الآثار العربية والإسلامية فيها.

ويؤكد أن "إسرائيل" تسعى لتهويد كل شبر وحجر في مدينة القدس، وخاصة في المسجد الأقصى ومحيطه القريب منه، ومنطقة القصور الأموية ملاصقة للمسجد من الجهة الجنوبية.

 ويشدد على ضرورة المحافظة على القصور الأموية، باعتبارها إرثًا عربيًا ومركزًا أمويًا هامًا جدًا، وجزءً من المنظومة الإسلامية التي بنيت لكي تُعلي مكانة القدس والأقصى لدى المسلمين.

وكانت جهات مقدسية حذرت في أعقاب إقامة احتفال إسرائيلي في القصور الأموية قبل أيام، من تصاعد الانتهاكات الصهيونية  لهذه لمنطقة، مشيرة الى أن هذه الممارسات تعمّق وتزيد من المخاطر التي تهدد الأقصى والأوقاف الإسلامية حوله.